وكالات
بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة إلى بيروت اليوم الجمعة لدعم الجهود اللبنانية الرامية إلى تجاوز أزماتها وبدء مسار جديد لمستقبل البلاد.
أهداف الزيارة
أكدت الرئاسة الفرنسية قبل وصول ماكرون أن زيارته تهدف إلى "مساعدة" الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة على تعزيز سيادة لبنان وضمان ازدهاره والحفاظ على وحدته.
ومن المتوقع أيضًا أن يلتقي ماكرون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في العاصمة اللبنانية مع اقتراب الموعد النهائي في 26 يناير/ كانون الثاني للتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
وكذلك، من المقرر أن يلتقي ماكرون أيضًا رئيس مجلس النواب اللبناني القوي نبيه بري، وهو حليف لحزب الله.
كما سيلتقي رئيس قوات اليونيفيل أرولدو لازارو ورؤساء لجنة تضم مندوبين إسرائيليين ولبنانيين وفرنسيين وأميركيين، إلى جانب ممثل عن اليونيفيل، مكلفين بمراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار.
انتُخب جوزاف عون رئيسًا في 9 يناير/ كانون الثاني بعد أكثر من عامين من الفراغ السياسي، واختار نواف سلام رئيسًا للوزراء. وتقع على عاتقهما مسؤولية قيادة لبنان في مرحلة حرجة تتطلب جهودًا مضاعفة لإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي.
ويقول محللون إن ضعف حزب الله في الحرب مع إسرائيل العام الماضي سمح للطبقة السياسية المنقسمة بشدة في لبنان بانتخاب عون ودعم تعيينه سلام رئيسًا للوزراء.
دعم لبنان
تربط فرنسا ولبنان علاقات تاريخية عميقة، فقد كانت فرنسا القوة المستعمرة في لبنان لمدة عقدين بعد الحرب العالمية الأولى، وخلّف هذا الإرث الثقافي والسياسي عمقًا في النسيج اللبناني.
وذكرت الرئاسة الفرنسية يوم الخميس بعد مكالمة هاتفية بين الزعيمين أن ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعطيا "دعمهما الكامل" لتشكيل "حكومة قوية" في لبنان.
وترى الرئاسة أن الحكومة الجديدة يجب أن "تجمع بين الشعب اللبناني المتنوع، وتضمن احترام وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، وتنفذ الإصلاحات اللازمة من أجل ازدهار واستقرار وسيادة البلاد".
وزار ماكرون بيروت مرتين بعد الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/ آب 2020 ودمر أحياء واسعة من العاصمة وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصًا وإصابة الآلاف بجروح.
جاءت زيارتا ماكرون إلى لبنان كجزء من محاولات فرنسا مساعدة البلد على تجاوز أزماته العميقة التي تعود إلى عام 2019. وقد نظمت باريس مؤتمرات لدعمه، لكنها شددت مرارًا على ضرورة الإسراع في تطبيق إصلاحات جوهرية لضمان التعافي الاقتصادي وجذب المساعدات الدولية.
استقرار أمني
وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، سيشهد الجنوب اللبناني انتشارًا مشتركًا لقوات الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة، وذلك بهدف تعزيز الاستقرار الأمني على الحدود ومنع أي خروقات محتملة.
ويتعين على حزب الله سحب قواته شمال نهر الليطاني، على بعد نحو 30 كيلومترًا (20 ميلًا) من الحدود، وتفكيك أي بنية تحتية عسكرية متبقية لديه في جنوب لبنان.
وقد وعدت الرئاسة الفرنسية بـ"لفتات رمزية" لحشد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان بعد مؤتمر المساعدات في باريس في أكتوبر/تشرين الأول.
كما رفض ماكرون استمرار الأعمال العسكرية ضد قطاع غزة، وقال الرئيس الفرنسي منذ أشهر إن شحنات الأسلحة المستخدمة في الصراع في غزة يجب أن تتوقف، وذلك في إطار جهود أوسع لإيجاد حل سياسي، ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى القول في اليوم التالي إن فرض القيود على إسرائيل لن يخدم سوى إيران وحلفائها.
وفرنسا ليست من كبار موردي الأسلحة لإسرائيل، إذ صدرت إليها معدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو (33 مليون دولار) العام الماضي، وفقًا لتقرير صادرات الأسلحة السنوي الصادر عن وزارة الدفاع.
اقتصاد لبنان
لقد شهد لبنان تباطؤًا اقتصاديًا حادًا منذ 2019 بسبب انهيار القطاع المالي، وقد تفاقم بسبب الضعف الاقتصادي الهيكلي والاضطراب السياسي.
كان الدين العام المتراكم منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1989 أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الانهيار المالي، حيث زادت الحاجة المتزايدة إلى الاقتراض من الضغوط على الاقتصاد، وفاقمت من ضعف الميزانية العامة.
وقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنسبة 65% تقريبًا بين عامي 2019 و2023. وترجح أحدث التوقعات لعام 2024 انكماشًا سنويًا آخر في الناتج المحلي الإجمالي، وقد يؤدي تكثيف الصراع في سبتمبر/أيلول إلى انكماش سنوي يزيد على 5%.
إلى جانب ما سبق، شهدت الليرة اللبنانية تدهورًا حادًا في قيمتها خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقلت من مستوى 1500 ليرة لبنانية للدولار في عام 2019 إلى مستوى قياسي بلغ 89500 ليرة لبنانية في عام 2023 في السوق الموازية، في حين حافظ السعر الرسمي على استقراره نسبيًا عند مستوى 1500 ليرة لبنانية حتى فبراير/ شباط 2023 عندما تم تعديله إلى 15000 ليرة لبنانية.
علاوة على ذلك، واجه لبنان معدلات تضخم مرتفعة بشكل ملحوظ منذ 2020 مدفوعة في المقام الأول بانخفاض قيمة العملة والصدمات الخارجية.
فبين عامي 2020 و2024 بلغ متوسط معدل التضخم العام 150%، وبلغ ذروته عند 269% في مايو/أيار 2023.