يسرية محمد الحسن
هيام المغربي عروس السماء
كان التعب قد بلغ بنا مبلغا عظيما بعد تناولنا. غداءنا بالخرطوم 2 اوصلتني المنزل بعد ان تواعدنا بالقاء غدا بالتلفزيون......الساعه الحاديه عشره صباحا...اتي الاستاذ عمر الجزلي الي المكتب ليجدني قد وزعت المهام وبانتظاره.....كوولو تمام...؟هكذا سالني بعد ان القي علي التحيه...كوولو تمام كان يقصد سير عمل جدول المذيعين فقد كان يخول لي كل سلطاته في غيابه حتي ايقاف المذيعين !!.. كان يقول لي انتي في غيابي كانني موجود وان رايتي تغيير الجدول !!...كم كانت ثقته في كبيره وعظيمه لذا لم يك مستغربا ابدا ان تتجاوز زمالتنا حدود العمل لتنفذ الي حياتنا الشخصيه !!كلانا انا والجزلي ما بيننا من احترام وتقدير ومحبه يفوق بكثير ما بين الاستاذ وتلميذته !!!...هو طراز للقياده فريد !!........ما تمشي قبال تلاقيني....انا عاوزك.....حاضر عموري !!هكذا وهو يبتسم لذلك في سخريه محببه لدي !!...مرت ساعه زمان اطلت بعدها هيام لينادي الاستاذ علي سكرتيرته ان تغلق باب المكتب ولا يدخل احد.......شوفي يايسريه انا لاني بحبك وبعرف قدرك تماما ورسلت ليك صديقتنا وحبيبتنا هيام .........من الاخر كده صاحبي وصديقي البحبوا جدا الصحفي الشاطر صلاح الدين عووضه قال عاوزك زوجه ليهو ...انا طبعا لاني اخوك قبل ما اكون استاذك وعدته اتكلم معاك .....ما تفوتيهو يا يسريه ده راجل ممتاز جدا وودعيله ومعرفتي بيهو طويله جدا ....عموما. قالها وهو يبتسم انا موافق !!!.....عمر وافق ؟!!...اذن انا موافقه !!!.... هكذا اسررت بها الي نفسي واومات له براسي لتطلق هيام زغردوه فرح شبهه مكتومه !!.لنضحك ثلاثتنا !!....احداث متلاحقه مر بها السودان تجعلنا كمراسلين لمحطات ووكالات اجنبيه نلهث ملاحقه للخبر وتداعياته وترجمه ذلك تقارير مصوره تتطلب في احايين كثيره شد الرحال الي اقاصي حدود البلاد بل في احايين اخري الي خارجها !!.....دخلت الصواف وجدتها تنهي حديثا مع السكرتيره لاصطحبها في سيارتي بعد حجزي كاميرا وتيم مساعد لليوم التالي....سيارتي بها عطل وهي مع شقيقي جلال لاصلاحها هكذا قالت لي وهي بجانبي في طريقنا الي التلفزيون....وانا ابادلها الحديث انتبهت انها ولاول مره في حياتها ترتدي طرحه سوداء !!كان تعليقي لها انها رايعه ...!!.....تعرفي يا هيام. اول مره اشوفك تلبسي طرحه سوداء...!!وكان القدر يؤشر لي لحظتها ببلوغ عمرها الغض تمامه. وانها علي موعد مع الرحيل....!!!...انا ماشه الحج مع ليلي يايسريه...متين...!! ادونا حجز قريب لسه ما اتاكد........مبروك. ماتنسيني من صالح الدعاء......معقوله ؟.....قالتها مع اخر هبشه لقدمي علي دواسه الفرامل. امام مبني التلفزيون.....تعانقنا ككل مره نفترق فيها. ودعتها. علي امل ان تتصل هي بي من الاراضي المقدسه....ان شاء الله حتسمعي عني اخبار حلوه. قالتها وهي تسحب جسدها من المقعد بجانبي. لتغيب عن ناظري في ثوان معدودات !!...... لتهاتفني من داخل صاله الحج والعمره لتبلغني في ذاك المساء ان الرحله قد الغيت من قبل وها هما الاثنتان الان في طريقها نحو الطايره ودعتها الوداع الاخير هي وليلي بعد الوصايا بالدعاء وابلاغ سلامي للمصطفي صلي الله عليه وسلم.....في امان الله.....لا اله الا الله. قلتها انا لتكملها....محمد رسول الله.......ومرت الايام واذا بي وانا اتابع نشره اخبار التاسعه لذاك اليوم الشؤوم...يطل الاستاذ احمد سليمان ضو البيت وهو في غايه الحزن ليذيع علينا خبر استشهاد ليلي وهيام....!!...لم اشعر الا ومن معي يصبون الماء علي وجهي ويضربانه بعنف !!... طاف طيفها وهي في اخر لقاء لي معها في ذلكم اليوم...ترتدي طرحتها السوداء تلك....!!.....علمت بعدها ان جثمانيهما الطاهرين وهما يتدثران بملابس الاحرام قد صلي عليهما امام المسجد الحرام فضيله الشيخ عبد الرحمن السديس. واثنين مليون حاج بالمسجد الحرام ليواروا الثري بمقابر النور بمكه المكرمه ....حدثتني احدي شقيقاتهما انها راتهما مناما. وقد حملت ليلي بيديها الاثنتين قدحا كبيرا مملوءا باعواد خشب الصندل الهندي ذي العطر القوي العبق الفواح....بيما هيام عروس. في فستان زفاف ابيض وتتصعد الي السماء ....!!بينما كنت انا كاتبه هذه السطور عروس في الارض !!!........