|
أمراة نموذج للكفاح بالريف السوداني ..
ما أن وقع بصري علي هذه الصورة إلا اشتعلت بدواخلي كل القيم الانسانية واستدعيت رحلة كفاح النساء في بقاع الارض .. أنها ايقونة موحية ورمز لحالاتها تحمل آلة الحفر ودفن البذور في باطن الأرض لينمو الزرع .. وتشبع البطون الجائعة .. وبرغم عدم معرفتي الشخصية لحاملة ” الطورية ” إلا أن العارفين بها ادفقوا لي معلومات لا تقول إلا أنها أمراة نموذج للكفاح بالريف السوداني ..
تعمل مسعفة بمركز صحي دنقلا العجوز / القدار الذي يلجأ له سكان تلك المناطق حين وجع يداهمهم وحينما تقف عثرات الحياة و تغلق في وجوههم المشافي والمستشفيات البعيدة وتصارعهم الامراض .. ذاك ارتفع ضغطه و طفلا لدغه عقرب .. وصغير نزف دما .. او عجوز كهل داهمه مقصا … لا طبيب بذلك المركز ولا غرفة للعمليات ولا دواء شافي .. لكنهن ثلاثة سيدات احداهن ولدت بعيب خلقي بأحد اياديها واخري دلفت لباب العمل لتلقم صغارها تعتني بنظافة المركز وأخرى تصنع الطعام بدراهم معدودات فبتلك النواحي لا مطاعم ولا مقاهي .. هن أنموذج لكثير من النساء المكافحات هنا وهناك ..
لكن بابة سعيد وهذا اسمها لا تكتفي بأداء وظيفتها التي تحصد منها ما لا يكاد يسد صوصوة بطون صغارها .. لكنها تمسك بهذه ” الطورية ” التي تحملها علي كتفها المرهق لتقتلع النباتات العشوائية الضارة بساحة المركز الصحي أنها تكافح لتكون بلسم ودواء نافع بحسب واقع الحال .. ولا تحصر طاقتها في حدود راتبها الضعيف .. رايت ان نمد لها ايادينا لنكرمها سوا سوا .. والله لا يضيع آجر من احسن عملا .هلا مددتوا اياديكم بما تجود به ظروفكم .. لنقول لها شكرا …
فإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، لقوله “ص ” الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، فما تقوم به السعيدة ورفيقاتها ليس فقط واجب إنساني وأخلاقي ومجتمعي ، بل ديني فما بال ذلك من مركز صحي يوفر الحد الادني من الاسعافات الاولية .
-عواطف عبداللطيف اعلامية مقيمة فى قطر